الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{بالحسنى} ليس بوقف لأنَّ ما بعده بدل مما قبله.{إلاَّ اللمم} كاف على أنَّ الاستثناء منقطع لأنَّه لم يدخل تحت ما قبله وهو صغار الذنوب وقيل متصل لأنَّ ما بعده متصل بما قبله والمعنى عند المفسرين إن ربك واسع المغفرة لمن أتى اللمم.{واسع المغفرة} تام ولا يوقف على {بكم} ولا على {من الأرض}.{أمهاتكم} حسن.{أنفسكم} أحسن مما قبله.{بمن اتقى} تام.{وأكدى} كاف ومثله {فهو يرى} ولا يوقف هنا لأنَّ {أم} في قوله: {أم لم ينبأ} هي أم العاقبة لألف الاستفهام كأنَّه قال أيعلم الغيب أم لم يخبر بما في صحف موسى أي أسفار التوارة. اهـ. كواشي.{بما في صحف موسى} جائز عند نافع.قال الأخفش {وإبراهيم الذي وفى} كاف على استئناف سؤال كأنَّ قائلًا قال وما في صحفهما فأجيب {ألاَّ تزر وازرة وزر أخرى} وجائز إن جعل ما بعده بدلًا من ما في قوله: {بما في صحف} وكذا لا وقف إن جعل ما بعده في محل نصب والعامل فيه {ينبأ} فعلى هذين التقديرين لا يوقف على {وفى} قرأ العامة {وفى} بتشديد الفاء وقرأ سعيد بن جبير وغيره {وفى} بتخفيفها وخص هذين النبيين قيل لأنَّ ما بين نوح وإبراهيم كانوا يأخذون الرجل بابنه وأبيه وعمه وخاله وأول من خالفهم إبراهيم عليه السلام ومن شريعة إبراهيم إلى شريعة موسى عليه السلام كانوا لا يأخذون الرجل بجريرة غيره ولا يوقف على شيء من أواخر الآيات اختيارًا من {وفى} إلى {ما غشى} وذلك في ثلاثة عشر موضعًا لاتصال الآيات وعطف بعضها على بعض فلا يوقف على {أخرى} ولا على {ما سعى} ولا على {يرى} ولا على {الأوفى} ولا على {المنتهى} وإن جعلت كل موضع فيه أنَّ معه مبتدًا محذوفًا حسن الوقف على أواخر الآيات إلى قوله: {وقوم نوح من قبل} فهو معطوف على {ألا تزر} وقيل يوقف على رأس كل آية وإن كان البعض معطوفًا على البعض لأنَّ الوقف على رؤوس الآيات سنة وإن كان ما بعده له تعلق بما قبله فيوقف على {وقوم نوح من قبل} وعلى {وأطغى} لمن رفع {والمؤتفكة} أو نصبها بأهوى و{أهوى} ليس بوقف لمكان الفاء.{ما غشَّى} حسن للابتداء بالاستفهام.{تتمارى} تام عند أبي حاتم ومثله {من النذر الأولى} وكذا {الآزفة} على استئناف ما بعده وليس بوقف إن جعل حالًا أي أزفت الآزفة غير مكشوفة.{كاشفة} كاف.{سامدون} تام أي لاهون وقيل الحزين والسمود بلغة حمير الغناء يقول الرجل للمرأة اسمدي لنا أي غني لنا ونزل جبريل يومًا وعند الرسول رجل يبكي فقال له من هذا الرجل فقال فلان فقال جبريل إنَّا نزن أعمال بني آدم كلها إلاَّ البكاء فإنَّ الله يطفىء بالدمعة بحورًا من نار جهنم.آخر السورة تام. اهـ.
والمعنى الجامع لتصريف ج ن ن أين وقعت إنما هو الاستخفاء والستر. ومنه الجن، والجنة. والجان، والجنان لا ستتار الجن، ومنه المجن- للترس- لسرته، ومنه الجنين لاستتاره في الرحمن ومنه الجنة؛ لأنها لا تكون جنة حتى يكون فيها شجر، وذلك ستر لها، والجنان: روح القلب لاستتار ذلك، والجنن: القبر، وعليه بقية الباب.ومن ذلك قراءة ابن عباس ومنصور بن المعتمر وطلحة: {اللَّات}.قال أبو الفتح: روينا عن قطرب: كان رجل بسوق العكاظ يلت السويق والسمن عند صخرة، فإذا باع السويق والسمن صب على الصخرة، ثم يلت. فلما مات ذلك الرجل عبدت ثقيف تلك الصخرة، إعظاما لذلك الرجل صاحب السويق. قال أبو حاتم: كان رجل يلت لهم السويق، فإذا شرب منه أحد سمن، فعبدوا ذلك الرجل. وحكى أبو الحسن فيها {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ}، بكسر التاء. وذهب إلى أنها بدل من لام الفعل، بمنزلة التاء في كبت وذيت، وأن الألف قبلها عين الفعل، بمنزلة ألف شاة وذات مال.ومن ذلك قراءة النبي صلى الله عليه وسلم: {الَّذِي وَفَّى}، خفيفة. واختلف عنه، وهو قراءة أبي أمامة وسعيد بن جبير وابن السميفع وأبي مالك.قال أبو الفتح: هذا على تسمية المسبب باسم سببه. ألا ترى أن معناه الذي وعد ذلك، فوفي بحاضره وسيفي بغائبه يوم القيامة؟ وذلك منهم لصدق الوعد، أي: إذا قال فقد فعل، أو قد وقع ما يقوله. وهذا كقولهم: وعد الكريم نقد، ونقد اللئيم وعد. وأخذه بعض المولدين فقال في صفة باز أو شاهين: مبارك إذا رأى فقد رزق.وما أسمعه! وأصله لامرئ القيس في وصف الفرس: ومن ذلك قراءة طلحة: {ليس لها مما يدعون من دون الله كاشفة وهي على الظالمين ساءت الغاشية}.قال أبو الفتح: هذه القراءة تدل على أن المراد بقراءة الجماعة: {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}- حذف مضاف بعد مضاف. ألا ترى أن تقدير: ليس لها من جزاء عبادة معبود دون الله كاشفة؟ فالعبادة على هذا مصدر مضاف إلى المفعول، كقوله: {بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ}، و{لا يَسْأَمُ الْأِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ}، ثم حذف المضاف الأول، فصار تقديره: ليس لها من عبادة معبود دون الله كاشفة، ثم حذف المضاف الثاني الذي هو عبادة، فصار تقديره: ليس لها من معبود دون الله كاشفة، ثم حذف المضاف الثالث، فصار إلى قوله: {ليس لها من دون الله كاشفة}.وهذا على تقديرك {دون الله} اسما هنا، لا ظرفا، لأن الإضافة إليه تسلبه معنى الظرفية التي فيه، كقولهم: يا سارق الليلة أهل الدار.وتلك عادة سيبويه إذا أراد تجريد الظرف من معنى الظرفية، فإنه يمثله بالإضافة إليه، وذلك مما ينافي تقدير حرف الجر معه؛ لأن حرف الجر يسقط، فلا يعترض بين المضاف والمضاف إليه.ولا تستنكر كثرة المضافات المحذوفة هناك، فإن المعنى إذا دل على شيء وقبله القياس أمضى على ذلك ولم يستوحش منه ألا ترى إلى قول الله سبحانه: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ}؟ ألا تراه أن معناه: من تراب أرض أثر وطء حافر فرس الرسول، أي من تراب الأرض الحاملة لأثر وطء فرس الرسول. المعنى على هذا؛ لأنه في تصحيحه من تقريه لاستيفاء معانيه، وإذا دل الدليل كان التعجب من حيلة العاجز الذليل.وقوله: {وهي عَلَى الظَّالِمِين ساءت الغاشية}- هذا جار مجرى قولهم: زيد بئس الرجل؛ لأن ساء بمعنى بئس، والغاشية هنا جنس، والعائئد منها إلى هي ضمير يتجرد ويماز من معنى الجماعة، كقولهم: زيد قام بنو محمد، إذا كان محمد أباهم، فكأنه قال: زيد قام في جملة القوم، كما أن قولك: زيد نعم الرجل العائد عليه في المعنى ذكر يخصه من جماعة الرجال. اهـ.
|